الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
.تفسير الآيات (19- 22): {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22)}فإن قلت: فما تصنع بقوله: {قُلْ سِيرُواْ فِي الارض}؟ قلت: هي حكاية كلام حكاه إبراهيم عليه السلام لقومه، كما يحكي رسولنا صلى الله عليه وسلم كلام الله على هذا المنهاج في أكثر القرآن فإن قلت: فإذا كانت خطاباً لقريش فما وجه توسطهما بين طرفي قصة إبراهيم والجملة؟ أو الجمل الاعتراضية لابد لها من اتصال بما وقعت معترضة فيه؟ ألا تراك لا تقول: مكة وزيد أبوه قائم خير بلاد الله؟ قلت: إيراد قصة إبراهيم ليس إلا إرادة للتنفيس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تكون مسلاة له ومتفرجا بأنّ أباه إبراهيم خليل الله كان ممنوّا بنحو مامني به من شرك قومه وعبادتهم الأوثان، فاعترض بقوله: وإن تكذبوا، على معنى إنكم يا معشر قريش إن تكذبوا محمداً فقد كذب إبراهيم قومه وكل أمة نبيها؛ لأن قوله: {فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مّن قَبْلِكُمْ} لابد من تناوله لأمّه إبراهيم، وهو كما ترى اعتراض واقع متصل، ثم سائر الآيات الواطئة عقبها من أذيالها وتوابعها، لكونها ناطقة بالتوحيد ودلائله، وهدم الشرك وتوهين قواعده، وصفة قدرة الله وسلطانه، ووضوح حجته وبرهانه قرئ: {يَرَوْاْ} بالياء والتاء. ويبدئ ويبدأ. وقوله: {ثُمَّ يُعِيدُهُ} ليس بمعطوف على يبدئ، وليست الرؤية واقعة عليه، وإنما هو إخبار على حياله بالإعادة بعد الموت، كما وقع النظر في قوله تعالى: {فانظروا كَيْفَ بَدَأَ الخلق ثُمَّ الله ينشئ النشأة الأخرة} على البدء دون الإنشاء، ونحوه قولك: ما زلت أوثر فلاناً وأستخلفه على من أخلفه، فإن قلت: هو معطوف بحرف العطف، فلا بد له من معطوف عليه، فما هو؟ قلت: هو جملة قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ الله الخلق} وكذلك: وأستخلفه، معطوف على جملة قوله: ما زلت أوثر فلاناً ذلك يرجع إلى ما يرجع إليه هو في قوله: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] من معنى يعيد. دل بقوله {النشأة الاخرة} على أنهما نشأتان، وأن كل واحدة منهما إنشاء، أي: ابتداء واختراع، وإخراج من العدم إلى الوجود، لا تفاوت بينهما إلا أن الآخر إنشاء بعد إنشاء مثله، والأولى ليست كذلك. وقرئ {النشأة} و {النشاءة} كالرأفة والرآفة، فإن قلت: ما معنى الإفصاح باسمه مع إيقاعه مبتدأ في قوله: {ثُمَّ الله ينشئ النشأة الأخرة} بعد إضماره في قوله: كيف بدأ الخلق؟ وكان القياس أن يقال: كيف بدأ الله الخلق ثم ينشئ النشأة الآخرة؟ قلت: الكلام معهم كان واقعاً في الإعادة، وفيها كانت تصطك الركب، فلما قرّرهم في الإبداء بأنه من الله، احتج عليهم بأن الإعادة إنشاء مثل الإبداء، فإذا كان الله الذي لا يعجزه شيء هو الذي لم يعجزه الإبداء، فهو الذي وجب أن لا تعجزه الإعادة، فكأنه قال: ثم ذاك الذي أنشأ النشأة الأولى هو الذي ينشئ النشأة الآخرة، فللدلالة والتنبيه على هذا المعنى أبرز اسمه وأوقعه مبتدأ {يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ} تعذيبه {وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ} رحمته، ومتعلق المشيئتين مفسر مبين في مواضع من القرآن وهو من يستوجبهما من الكافر والفاسق إذا لم يتوبا، ومن المعصوم والتائب {تُقْلَبُونَ} تردون وترجعون {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ} ربكم أي لا تفوتونه إن هربتم من حكمه وقضائه {فِى الارض} الفسيحة {وَلاَ فِي السماء} التي هي أفسح منها وأبسط لو كنتم فيها، كقوله تعالى:{إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أقطار السموات والأرض فانفذوا} [الرحمن: 33]، وقيل: ولا من في السماء كما قال حسان رضي الله عنه:ويحتمل أن يراد: لا تعجزونه كيفما هبطتم في مهاوي الأرض وأعماقها، أو علوتم في البروج والقلاع الذاهبة في السماء، كقوله تعالى: {وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [النساء: 78] أو لا تعجزون أمره الجاري في السماء والأرض أن يجري عليكم، فيصيبكم ببلاء يظهر من الأرض أو ينزل من السماء {وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير}. .تفسير الآية رقم (23): {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23)}{بأايات الله} بدلائله على وحدانيته وكتبه ومعجزاته ولقائه والبعث {يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى} وعيد، أي ييأسون يوم القيامة، كقوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُبْلِسُ المجرمون} [الروم: 12]. أو هو وصف لحالهم؛ لأنّ المؤمن إنما يكون راجياً خاشياً، فأما الكافر فلا يخطر بباله رجاء ولا خوف. أو شبه حالهم في انتفاء الرحمة عنهم بحال من يئس من الرحمة: وعن قتادة رضي الله عنه: إن الله ذمّ قوماً هانوا عليه فقال: {أُوْلَئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى} وقال: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} [يوسف: 87] فينبغي للمؤمن أن لا ييأس من روح الله ولا من رحمته، وأن لا يأمن عذابه وعقابه صفة المؤمن أن يكون راجياً لله عز وجل خائفاً..تفسير الآية رقم (24): {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24)}قرئ: {جواب قومه} بالنصب والرفع {قَالُواْ} قال بعضهم لبعض. أو قاله واحد منهم وكان الباقون راضين، فكانوا جميعاً في حكم القائلين.وروي أنه لم ينتفع في ذلك اليوم بالنار، نعني: يوم ألقي إبراهيم في النار، وذلك لذهاب حرّها..تفسير الآية رقم (25): {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25)}قرئ على النصب بغير إضافة وبإضافة، وعلى الرفع كذلك، فالنصب على وجهين: على التعليل، أي لتتوادّوا بينكم وتتواصلوا، لاجتماعكم على عبادتها واتفاقكم عليها وائتلافكم، كما يتفق الناس على مذهب فيكون ذلك سبب تحابهم وتصادقهم. وأن يكون مفعولاً ثانياً، كقوله: {اتخذ إلهه} [الفرقان: 43]، [الجاثية: 23] أي اتخذتم الأوثان سبب المودّة بينكم، على تقدير حذف المضاف. أو اتخذتموها مودّة بينكم، بمعنى مودودة بينكم، كقوله تعالى: {وَمِنَ الناس مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ الله أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبّ الله} [البقرة: 165] وفي الرفع وجهان: أن يكون خبراً لأنّ على أن ما موصولة. وأن يكون خبر مبتدأ محذوف. والمعنى: أنّ الأوثان مودّة بينكم، أي: مودودة، أو سبب مودّة.وعن عاصم: مودّة بينكم: بفتح بينكم مع الإضافة، كما قرئ: {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] ففتح وهو فاعل.وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه: أوثاناً إنما مودّة بينكم في الحياة الدنيا، أي: إنما تتوادّون عليها، أو تودّونها في الحياة الدنيا {ثُمَّ يَوْمَ القيامة} يقوم بينكم التلاعن والتباغض والتعادي: يتلاعن العبدة. ويتلاعن العبدة والأصنام، كقوله تعالى: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} [مريم: 82]..تفسير الآية رقم (26): {فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26)}كان لوط ابن أخت إبراهيم عليهما السلام، وهو أول من آمن له حين رأى النار لم تحرقه {وَقَالَ} يعني إبراهيم {إِنِّى مُهَاجِرٌ} من (كوثى) وهي من سواد الكوفة إلى (حرّان) ثم منها إلى فلسطين، ومن ثمة قالوا: لكل نبي هجرة ولإبراهيم هجرتان، وكان معه في هجرته: لوط، وامرأته سارة، وهاجر وهو ابن خمس وسبعين سنة {إلى رَبِّى} إلى حيث أمرني بالهجرة إليه {إِنَّهُ هُوَ العزيز} الذي يمنعني من أعدائي {الحكيم} الذي لا يأمرني إلا بما هو مصلحتي..تفسير الآية رقم (27): {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)}{أَجْرُهُ} الثناء الحسن، والصلاة عليه آخر الدهر والدرية الطيبة والنبوّة، وأن أهل الملل كلهم يتولونه.فإن قلت: ما بال إسماعيل عليه السلام لم يذكر، وذكر إسحق وعقبه؟ قلت: قد دلّ عليه في قوله: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرّيَّتِهِ النبوة والكتاب} وكفى الدليل لشهرة أمره وعلوِّ قدره.فإن قلت: ما المراد بالكتاب؟ قلت: قصد به جنس الكتاب، حتى دخل تحته ما نزل على ذريّته من الكتب الأربعة: التي هي التوراة والزبور والإنجيل والقرآن؟.تفسير الآيات (28- 30): {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)}{وَلُوطاً} معطوف على إبراهيم، أو على ما عطف عليه. و{الفاحشة} الفعلة البالغة في القبح. و{مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّن العالمين} جملة مستأنفة مقررة لفحاشة تلك الفعلة، كأن قائلاً قال: لم كانت فاحشة؟ فقيل له: لأن أحداً قبلهم لم يقدم عليها اشمئزازاً منها في طباعهم لإفراط قبحها، حتى أقدم عليها قوم لوط لخبث طينتهم وقذر طباعهم. قالوا لم ينزُ ذكر على ذكر قبل قوم لوط قط. وقريء: إنكم، بغير استفهام في الأوّل دون الثاني: قال أبو عبيدة: وجدته في الإمام بحرف واحد بغير ياء، ورأيت الثاني بحرفين الياء والنون وقطع السبيل: عمل قطاع الطريق، من قتل الأنفس وأخذ الأموال. وقيل: اعتراضهم السابلة بالفاحشة.وعن الحسن: قطع النسل بإتيان ما ليس بحرث. و{المنكر} عن ابن عباس رضي الله عنهما هو الخذف بالحصى، والرمي بالبنادق، والفرقعة، ومضغ العلك، والسواك بين الناس، وحل الأزرار، والسباب، والفحش في المزاح.وعن عائشة رضي الله عنها: كانوا يتحابقون وقيل السخرية بمن مرَّ بهم. وقيل: المجاهرة في ناديهم بذلك العمل، وكل معصية فإظهارها أقبح من سترها، ولذلك جاء: من خرق جلباب الحياء فلا غيبة له. ولا يقال للمجلس: ناد، إلا ما دام فيه أهله، فإذا قاموا عنه لم يبق نادياً {إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} فيما تعدناه من نزول العذاب. كانوا يفسدون الناس بحملهم على ما كانوا عليه من المعاصي والفواحش طوعاً وكرهاً ولأنهم ابتدعوا الفاحشة وسنوها فيمن بعدهم، وقال الله تعالى: {الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله زدناهم عَذَابًا فَوْقَ العذاب بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ} [النحل: 88] فأراد لوط عليه السلام أن يشتد غضب الله عليهم، فذكر لذلك صفة المفسدين في دعائه..تفسير الآيات (31- 32): {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32)}{بالبشرى} هي البشارة بالولد. والنافلة: وهما إسحق ويعقوب. وإضافة مهلكو إضافة تخفيف لا تعريف. والمعنى الاستقبال. والقرية: سدوم التي قيل فيها: أجور من قاضي سدوم {كَانُواْ ظالمين} معناه أنّ الظلم قد استمر منهم إيجاده في الأيام السالفة، وهم عليه مصرون، وظلمهم: كفرهم وألوان معاصيهم {إِنَّ فِيهَا لُوطاً} ليس إخباراً لهم بكونه فيها، وإنما هو جدال في شأنه: لأنهم لما عللوا إهلاك أهلها بظلمهم: اعترض عليهم بأن فيها من هو بريء من الظلم، وأراد بالجدال: إظهار الشفقة عليهم، وما يجب للمؤمن من التحزن لأخيه، والتشمر في نصرته وحياطته، والخوف من أن يمسه أذى أو يلحقه ضرر. قال قتادة: لا يرى المؤمن ألا يحوط المؤمن، ألا ترى إلى جوابهم بأنهم أعلم منه {بِمَن فِيهَا} يعنون: نحن أعلم منك وأخبر بحال لوط وحال قومه، وامتيازه منهم الامتياز البين، وأنه لا يستأهل ما يستأهلون، فخفض على نفسك وهوّن عليك الخطب. وقريء {لَنُنَجّيَنَّهُ} بالتشديد والتخفيف، وكذلك منجوك..تفسير الآية رقم (33): {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33)}{أَن} صلة أكدت وجود الفعلين مترتباً أحدهما على الآخر في وقتين متجاورين لا فاصل بينهما؛ كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان، كأنه قيل: كما أحس بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ريث، خيفة عليهم من قومه {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} وضاق بشأنهم وبتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته، وقد جعلت العرب ضيق الذراع والذرع: عبارة عن فقد الطاقة، كما قالوا: رحب الذراع بكذا، إذا كان مطيقاً له، والأصل فيه أنّ الرجل إذا طالت ذراعه نال ما لا يناله القصير الذراع، فضرب ذلك مثلاً في العجز والقدرة.
|